وقل لذي عذل في عبيرة سمحت ... دعها سماوية تجري على قدر
وقل لعيني التي بالدمع قد نزحت ... يا عين، جودي ولا تبقي ولا تذري
وابكي بموج وما المقياس يحصره ... قاضي القضاة أمير المؤمنين في الأثر
قاضي القضاة أمير المؤمنين سمي ... بأحمد بن علي ذي الرحلة الحجر
أكرم بها مدحة ما حازها أحد ... في عصرنا غير نزر قل في العصر
وع الكتابة واحفظها وسق سندا ... وخل عنك سواد الطرس بالحبر
ياموت، ذكرتني موت النبي به ... الهاشمي المصطفى المبعوث من مضر
ذكرتني العمرين1 الصاحبين أبا ... بكر الصديق مع الفاروق من عمر!
يا خنس، لو نظرت عيناك لمته ... وما حوت من فخار العلم والخفر
يا خنس، لو سمعت أذناك منطقه ... من ثغر مبسمه المنظوم بالدرر
يا خنس، قد قلت في صخر مراثيه ... فحول الحزن بالإسناد للحجر
مصيبة عمت الدنيا بأجمعها ... رمي بها زحل بالقوس والوتر
بالبحر والنهر والبحرين إذ جمعا ... أبكيه من عبرة تجري بلا ضجر
إن ذكرتني بوقت صخرها غسقا ... أو نكرتني بوقت الصيف في السحر
فكل أوقاتي الغرا مسبلة ... جاها وعلماً وما يزرى من البدر
شبهته جالساً في الدرس في فئة ... هم النجوم ووجه الشيخ بالقمر
وهم طباق وهم يهدى السبيل بهم ... من حوله أنجم كالأنجم الزهر
هم الرجال ولكن شيخهم رجل ... رجاله سند في مسند الحبر
ساد الرجال وكم قد ساد من رجل ... يشوقه بعد تحويل من السطر
يملي الحديث ببيبرس حوى سندا ... عال إلى سيد الكونين والبشر
تالله، لو سمعت حذاق شرعتنا ... شوق الأسانيد في إملائه الجهر
ولو رأوا يده في فرع روضته ... أو فسرت آية في محكم السور
أو ما يوصله في الدين معتقدا ... أو رتبت سنداً من نخبة الفكر
أو أظهرت حكمة للشافعي خفت ... يستخرج الكل من خرم من الإبر
أثنوا عليه ومن أضحى يخالفه ... بمنزل دحض كقشعم الحجر
أبكى عليه وقد شالوا جنازته ... وقنطت مرنة من نسمة السحر
أنقى من الثلج إشراقا وريحتها ... أذكى من المسك والندا الذي العطر
وبشرت برضا الرحمن خالقه ... والحور قد زينت بالحلى في السرر