الْمُرَادَ بِالْعَذَابِ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ مَا يَنَالُهُ مِنْ الْأَذَى بِمَعْصِيَةِ أَهْلِهِ لِلَّهِ وَاخْتَارَ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِنْ آخِرِهِمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
806 - حَدِيثُ عَائِشَةَ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ وَاَللَّهِ مَا كَذَبَ وَلَكِنَّهُ أَخْطَأَ أَوْ نَسِيَ إنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَهُودِيَّةٍ وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهَا فَقَالَ "إنَّهُمْ يَبْكُونَ عليها وَإِنَّهَا تُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا" انْتَهَى وَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي أَوْرَدَهُ إنَّمَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا الرَّدُّ عَلَى عُمَرَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ وَاَللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنِينَ بِبُكَاءِ أَحَدٍ وَلَكِنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" 1 وَقَدْ أَنْكَرَ النَّوَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ مَا أَوْرَدَهُ وَقَالَ إنَّهُ تَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ وَهُوَ غَلَطٌ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْمُحْسِنِ الْبَغْدَادِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ بَلَغَهَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ "إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" فَقَالَتْ يرحم الله عمرو بن عُمَرَ وَاَللَّهِ مَا هُمَا بِكَاذِبَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا وَهَمَا2 وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ لَمَّا بَلَغَهَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ "إنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلَا مُكَذِّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ"3.
807 - قَوْلُهُ وَرَدَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَالْغَرِيبِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا.
أَمَّا الْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ فَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا من مات بالبطن فهو شهيد والغريق شهيد4
وفي الصحيحين عنه مَرْفُوعًا الشُّهَدَاءُ خمسة المطعون والمبطون والغرق وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِمَالِكٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ نَحْوُهُ وَالْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ5،