وهذا التكافل لا يقف عند تحقيق مصالح الجيل الحاضر بل يتعدى ذلك إلى نظرة شاملة تضع في الاعتبار مصالح أجيال المستقبل, وهو ما من شأنه أن يسهم في حل كثير من الأزمات المعاصرة ويحاصر كثير من الأخطار التي تواجه مستقبل البشرية والتي نشأت من جراء لهاث هذا الجيل وراء مصالحه دون اعتبار للمستقبل البشري العام, وهي أخطار ومشكلات كثيرة لعل من أخطرها مشكلة البيئة والموارد الطبيعية. قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} .
ونجد مراعاة هذا التكافل بين الأجيال في سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض السواد - الأرض الزراعية الخصبة في العراق - حينما فتحها المسلمون وأراد الجنود أن يقتسموها بينهم شأن بقية الغنائم فرفض هذا الرأي قائلا: (إني أريد أمرا يسع الناس أولهم وآخرهم) فقرر أن يضرب الخراج على هذه الأرض ويتركها في يد عمال يعملون فيها ويؤدون ضريبة لبيت المال (الخزينة العامة للدولة)