وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم وقد قيل: إنه كان يعد من الأبدال من مثل ما ذكره خاف. فيما رويناه أو بلغناه: أن يوسف بن الحسين الرازي وهو الصوفي دخل عليه وهو يقرأ كتابه في الجرح والتعديل فقال له: كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تكذبهم وتغتابهم؟ فبكى عبد الرحمن.
وبلغنا أيضا: أنه حدث وهو يقرأ كتابه ذلك على الناس عن يحيى بن معين أنه قال: إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة. فبكى عبد الرحمن وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده.
قال المؤلف: وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد فجرحوهم بما لا صحة له.
من ذلك: جرح أبي عبد الرحمن النسائي لأحمد بن صالح وهو إمام حافظ ثقة لا يعلق به جرح أخرج عنه البخاري في صحيحه وقد كان من أحمد إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه.
وروينا عن أبي يعلى الخليلي الحافظ قال: اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه.
قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه: أن عين السخط تبدي مساوي لها في الباطن مخارج صحيحة تعمى عنه بحجاب السخط لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه فاعلم هذا فإنه من النكت النفيسة المهمة وقد مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين والله أعلم.