قلت: وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه. مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا وسماع إلاخر من أربعين سنة. فإذا تساوى السند إليهما في العدد: فالإسناد إلى إلاول الذي تقدم سماعه أعلى فهذه أنواع العلو على إلاستقصاء وإلايضاح الشافي ولله سبحانه وتعالى الحمد كله.

وأما ما رويناه عن الحافظ أبي الطاهر السلفي رحمه الله من قوله في أبيات له:

بل علو الحديث بين أولي الحـ ... ـفظ وإلاتقان صحة الإسناد

وما رويناه عن الوزير نظام الملك من قوله: عندي أن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت رواته مائة. فهذا ونحوه ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب والله أعلم.

فصل

وأما النزول فهو ضد العلو. وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول. فهو إذا خمسة أقسام وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه.

وأما قول الحاكم أبي عبد الله: لعل قائلا يقول النزول ضد العلو فمن عرف العلو فقد عرف ضده وليس كذلك فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة إلى آخر كلامه.

فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو. وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله وليس كذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول والعلم عند الله تبارك وتعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015