وليشتغل بالتخريج والتأليف والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهل له فإنه كما قال الخطيب الحافظ يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكشف الملتبس ويكسب جميل الذكر ويخلده إلى آخر الدهر وقل ما يمهر في علم الحديث ويقف على غوامضه ويسبين الخفي من فوائده إلا من فعل ذلك. وحدث الصوري الحافظ محمد بن علي قال: رأيت أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي: يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل أن يحال بينك وبينه ها أنا ذا تراني قد حيل بيني وبين ذلك.
وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان:
إحداهما: التصنيف على إلابواب وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها وتنويعه أنواعا وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب.
والثانية: تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده وإن اختلفت أنواعه. ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم. وله أن يرتبهم على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم بإلاقرب فإلاقرب نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وله أن يرتب على سوابق الصحابة فيبدأ بالعشرة ثم بأهل بدر ثم بأهل الحديبية ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية وفتح مكة ويختم بأصاغر الصحابة كأبي الطفيل ونظرائه ثم بالنساء وهذا أحسن وإلاول أسهل. وفي ذلك من وجوه الترتيب غير ذلك.
ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه تصنيفه معللا بأن يجمع في كل حديث طرفه واختلاف الرواة فيه كما فعل يعقوب بن شيبة في مسنده. ومما يعتنون به في التأليف جمع الشيوخ أي جمع حديث شيوخ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده. قال عثمان بن سعيد الدارمي: يقال من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة فهو مفلس في