لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه.

قلت: فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن والتحريف ومعرتهما روينا عن شعبة قال: من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مثل رجل عليه برنس ليس له رأس أو كما قال وعن حماد بن سلمة قال: مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها.

وأما التصحيف: فسبيل السلامة منه الأخذ من أفواه أهل العلم والضبط فإن من حرم ذلك وكان أخذه وتعلمه من بطون الكتب كان من شأنه التحريف ولم يفلت من التبديل والتصحيف والله أعلم.

التاسع: إذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقد اختلفوا فمنهم من كان يري أنه يرويه على الخطأ كما سمعه. وذهب إلى ذلك من التابعين محمد بن سيرين وأبو معمر عبد الله بن سخبرة. وهذا غلو في مذهب اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعني.

ومنهم من رأى تغييره وإصلاحه وروايته على الصواب. روينا ذلك عن الأوزاعي وابن المبارك وغيرهما وهو مذهب المحصلين والعلماء من المحدثين. والقول به في اللحن الذي لا يختلف به المعنى وأمثاله لازم على مذهب تجويز رواية الحديث بالمعنى وقد سبق أنه قول الأكثرين.

وأما إصلاح ذلك وتغييره في كتابه وأصله: فالصواب تركه وتقرير ما وقع في الأصل على ما هو عليه مع التضبيب عليه وبيان الصواب خارجا في الحاشية فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفي للمفسدة.

وقد روينا أن بعض أصحاب الحديث رئي في المنام وكأنه قد مر من شفته أو لسانه شيء فقيل له في ذلك فقال: لفظة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم غيرتها برأيي ففعل بي هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015