قال ابن خلاد: سألت أبا عبد الله الزبيري عن هذا فقال: لا يجيء في هذا الباب حكم أحسن من هذا لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه باستماع صاحبه معه. قال ابن خلاد: وقال غيره ليس بشيء.
وروى الخطيب الحافظ أبو بكر عن إسماعيل بن إسحاق القاضي: أنه تحوكم إليه في ذلك فأطرق مليا ثم قال للمدعى عليه: إن كان سماعه في كتابك بخطك فيلزمك أن تعيره وإن كان سماعه في كتابك بخط غيرك فأنت أعلم.
قلت: حفص بن غياث معدود في الطبقة الأولى من أصحاب أبي حنيفة وأبو عبد الله الزبيري من أئمة أصحاب الشافعي وإسماعيل بن إسحاق لسان أصحاب مالك وإمامهم وقد تعاضدت أقوالهم في ذلك ويرجع حاصلها إلى: أن سماع غيره إذا ثبت في كتابه برضاه فيلزمه إعارته إياه. وقد كان لا يبين لي وجهه ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أداؤها بما حوته وإن كان فيه بذل ماله كما يلزم متحمل الشهادة أداؤها وإن كان فيه بذل نفسه بالسعي إلى مجلس الحكم لأدائها والعلم عند الله تعالى.
ثم إذا نسخ الكتاب فلا ينقل سماعه إلى نسخته إلا بعد المقابلة المرضية. وهكذا لا ينبغي لأحد أن ينقل سماعا إلى شيء من النسخ أو يثبته فيها عند السماع ابتداء إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع كيلا يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إلا أن يبين مع النقل وعنده كون النسخة غير مقابلة والله أعلم.