وأما العبارة عنها عند الرواية بها فهي على مراتب: أجودها وأسلمها أن يقول قرأت على فلان. أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به فهذا شائع من غير إشكال ويتلو ذلك ما يجوز من العبارات في السماع من لفظ الشيخ مطلقة إذا أتى بها هنا مقيدة بأن يقول حدثنا فلان قراءة عليه أو: أخبرنا قراءة عليه ونحو ذلك. وكذلك أنشدنا قراءة عليه في الشعر.
وأما إطلاق حدثنا وأخبرنا في القراءة على الشيخ فقد اختلفوا فيه على مذاهب:
فمن أهل الحديث من منع منهما جميعا وقيل: إنه قول ابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي وأحمد بن حنبل والنسائي وغيرهم ومنهم من ذهب إلى تجويز ذلك وأنه كالسماع من لفظ الشيخ في جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا وأنبأنا. وقد قيل: إن هذا مذهب معظم الحجازيين والكوفيين وقول الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان في آخرين من ألائمة المتقدمين وهو مذهب البخاري صاحب الصحيح في جماعة من المحدثين.
ومن هؤلاء من أجاز فيها أيضا أن يقول سمعت فلانا
والمذهب الثالث: الفرق بينهما في ذلك والمنع من إطلاق حدثنا وتجويز إطلاق أخبرنا. وهو مذهب الشافعي وأصحابه وهو منقول عن مسلم صاحب الصحيح وجمهور أهل المشرق.
وذكر صاحب كتاب الإنصاف محمد بن الحسن التميمي الجوهري المصري: أن هذا مذهب ألأكثر من أصحاب الحديث الذين لا يحصيهم أحد وأنهم جعلوا أخبرنا علما يقوم مقام قول قائله: أنا قرأته عليه لا أنه لفظ به لي. قال: وممن كان يقول به من أهل زماننا أبو عبد الرحمن النسائي في جماعة مثله من محدثينا قلت: وقد قيل: إن أول من أحدث الفرق بين هذين اللفظين ابن وهب بمصر
وهذا يدفعه أن ذلك مروي عن ابن جريج والأوزاعي حكاه عنهما الخطيب أبو بكر إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر والله أعلم.