لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة. وقال موسى بن هارون: أهل البصرة يكتبون لعشر سنين. وأهل الكوفة لعشرين وأهل الشام لثلاثين والله أعلم.
قلت: وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يبكر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه بسماعه. وأما الاشتغال بكتبه الحديث وتحصيله وضبطه وتقييده فمن حين يتأهل لذلك ويستعد له. وذلك يختلف باختلاف الأشخاص وليس ينحصر في سن مخصوص كما سبق ذكره آنفا عن قوم والله أعلم.
الثالث: اختلفوا في أول زمان يصح فيه سماع الصغير فروينا عن موسى بن هارون الحمال أحد الحفاظ النقاد أنه سئل: متى يسمع الصبي الحديث؟ فقال: إذا فرق بين البقرة والدابة وفي رواية بين البقرة والحمار وعن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه سئل: متى يجوز سماع الصبي للحديث؟ فقال: إذا عقل وضبط. فذكر له عن رجل أنه قال: لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة. فأنكر قوله وقال: بئس القول وأخبرني الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله إلاسدي عن أبي محمد عبد الله بن محمد إلاشيري عن القاضي الحافظ عياض بن موسى السبتي اليحصبي قال: قد حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن محمود بن الربيع. وذكر رواية 75 البخاري في صحيحه بعد أن ترجم متى يصح سماع الصغير بإسناده عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو. وفي رواية أخرى: أنه كان ابن أربع سنين.
قلت: التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين فيكتبون لابن خمس فصاعدا سمع ولمن لم يبلغ خمسا حضر أو: أحضر. والذي ينبغي في ذلك: أن تعتبر في كل صغير حاله على الخصوص فإن وجدناه مرتفعا عن حال من لا يعقل فهما للخطاب وردا للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون