خالصاً لوجه الله، وأن يكون موفقاً للسنه كما قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبّهِ فَليَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ولَا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبّهِ أَحَدَا} [الكهف: 110]، وكان عمر بن الخطاب يقول في دعائه: (اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً) [ابن تيمية: الفتاوى الكبرى، ج4، ص 310 - 311].
وسُئل ابن تيمية عن رجل مدمن على المحرمات، وهو مواظب على الصلوات الخمس، ويصلي على محمد مائة مرة كل يوم، ويقول: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، كل يوم مائة مرة، فهل يكفر ذلك بالصلاة والاستغفار؟
الجواب الحمد لله: "قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة: 7 - 8]، فمن كان مؤمناً، وعمل عملاً صالحاً لوجه الله تعالى، فإن الله لا يظلمه بل يثيبه عليه، وأما ما يفعل من المحرم اليسير، فيستحق عليه العقوبة، ويرجى له من الله التوبة، كما قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102]، وإن مات ولم يتب، فهذا أمره إلى الله تعالى، هو أعلم بمقدار حسناته وسيئاته، ولا يشهد له بجنة ولا نار، بخلاف الخوارج والمعتزلة، فإنهم يقولون: إنه من فعل كبيرة أحبطت جميع حسناته.
وأهل السنّة والجماعة لا يقولون بهذا الإحباط، بل أهل الكبائر معهم حسنات وسيئات، وأمرهم إلى الله، وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] أي: ممن اتقاه في ذلك العمل، بأن يكون عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله، وأن يكون موافقاً للسّنة، كما قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا