وقد جعل عمدة وصيته الحديث الذي وصى فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتقوى الله، وسأورد في هذا الموضع بعضاً منها؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الجواب: "أما "الوصية"، فما أعلم وصية أنفع من وصية الله ورسوله لمن عقلها واتبعها، قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء" 131] ".
ووصى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذاً لما بعثه إلى اليمن فقال: «يا معاذ: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» [رواه الترمذي (1987) وقال فيه: هذا حديث حسن صحيح].
وكان معاذ - رضي الله عنه - بمنزلة عليَّه؛ فإنه قال له: «يا معاذ! والله! إني لأحبك» [عزاه محقق الوصية الصغرى إلى أبي داود والنسائي وغيرهم، وصححه] وكان يردفه وراءه [عزاه محقق الوصية الصغرى إلى البخاري ومسلم]، وروي فيه: "أنه أعلم الأمة بالحلال والحرام" [قال محقق الوصية الصغرى: أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح]، وأنه يحشر أمام العلماء برتوة [أي: بخطوة] ومن فضله أنه بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - مبلغاً عنه داعياً ومفقهاً ومفتياً وحاكماً إلى أهل اليمن.
ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - وصاه هذه الوصية، فعل أنها جامعة، وهي كذلك لمن عقلها، مع أنها تفسير الوصية القرآنية.
أما بيان جمعها، فلأن العبد عليه "حقان":
حقٌّ لله عز وجل، ـ وحقٌّ لعباده، ثم الحق الذي عليه لا بد أن يخَّل ببعضه أحياناً: إما بترك مأمور به، أو فعل منهي عنه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتق الله حيثما كنت» وهذه كلمة جامعة، وفي قوله: «حيثما كنت» تحقيق لحاجته إلى التقوى في