ويأتيه (وفي رواية: ويمثل له) رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقولك [وأنت فبشرك الله بالشر] من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر! فيقول: أنا عملك الخبيث، [فو الله ما علمت إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله، سريعاً إلى معصية الله]، [فجزاك الله شراً، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه ضربة حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصبح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، ويمهد من فرش النار]، فيقول: رب لا تقم الساعة».
[قال شيخنا الألباني في تخريجه: أخرجه أبو داود (2/ 281) والحاكم (1/ 37 - 40) والطيالسي (رقم 753) وأحمد (4/ 287) و288 و295 و296) والسياق له والآجري في "الشريعة" (367 - 370). وروى النسائي (1/ 282) وابن ماجه (1/ 469) - 470) القسم الأول منه إلى قوله: "وكأن على رؤوسنا الطير"، وهو رواية لأبي داود (2/ 70) بأخصر منه وكذا أحمد (4/ 297) وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين". وأقره الذهبي، وهو كما قالا، وصححه ابن القيم في "إعلام الموقعين" (1/ 214) و"تهذيب السنن" (4/ 337)، ونقل فيه تصحيحه عن أبي نعيم وغيره].
يقول الحارث المحاسبي مصوراً أهوال يوم القيامة: "حتى إذا تكاملت عدة الموتى، وخلت من سكانها الأرض والسماء، فصاروا خامدين بعد حركاتهم، فلا حس يسمع، ولا شخص يرى، وقد بقي الجبار الأعلى كما لم يزل أزلياً واحداً منفرداً بعظمته وجلاله، ثم لم يفجأ روحك إلا بنداء المنادي لكل الخلائق معك للعرض على الله عز وجل بالذل والصغار منك ومنهم.
فتوهم كيف وقع الصوت في مسامعك وعقلك، وتفهم بعقلك بأنك تدعى إلى العرض على الملك الأعلى، فطار فؤادك وشاب رأسك للنداء، لأنها