أمره، فقال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِّنْ رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 58].
فقال له: هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقوَّ بها على عبادتك، فقال: سبحان الله أنا أدلّك على طريق النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا؟ سلَّمك الله ووفقك.
ثم صمت فلم يكلمنا، فخرجنا من عنده، فلما صرنا على الباب قال هارون: أبا عباس، إذا دللتني على رجل فدلّني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين.
فدخلت عليه امرأة من نسائه، فقالت: يا هذا قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال، فلو قبلت هذا المال فتفرجنا به، فقال لها: مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبة، فلا كبر نحروه فأكلوا لحمه.
فلما سمع هارون هذا الكلام قال: ندخل، فعسى أن يقبل المال، فلما علم الفضيل خرج، فجلس في السطح على باب الغرفة، فجاء هارون فجلس إلى جنبه، فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت: يا هذا، قد آذيت الشيخ منذ الليلة، فانصر فرحمك الله، فانصرفنا.
وقد أسند الفضيل عن جماعة من كبار التابعين منهم الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وعطاء بن السائب، وحصين بن عبد الرحمن، ومسلم الأعور، وأبان بن أبي عياش، وروى عنه خلق كثير من العلماء [صفة الصفوة 2/ 237 - 247].