كان الصالحون الأخيار من البشر على التقوى قديماً وحديثاً، ومن ينظر في سير المتقين من الأولين والآخرين، يجد مسارهم واحداً، ومعالمهم واحدة، وقد حوى هذا المبحث مطلبين، الأول: حسن الخاتمة لأولياء الله المتقين. والثاني: سير بعض المتقين من الأمم السابقة، ومن هذه الأمة، والمتقون من هذه الأمة بعضهم من الصحابة والصحابيات، وبعضهم من التابعين وأتباع التابعين.
من الصفات المشتركة بين المتقين حسن الخاتمة عندما يأتيهم الموت ويحضرهم، فكلهم يأتيه الموت وقد استنار وجهه، وظهرت البشرى على مظهره، وقد يحدِّث بما يراه في ذلك الموقف العصيب.
1 - فمن هؤلاء الحافظ السِّلفي، فإنه مات عن ست ومائة من السنين، فلما حضره الأجل لمز يزل يقرأ الحديث عليه إلى أن غربت الشمس من ليلة وفاته، وهو يردُّ على القارئ اللحن الخفي، وصلَّى يوم الجمعة الصبح عند انفجار الفجر، وتوفي بعدها [سير أعلام النبلاء: 21/ 39].
2 - ومنهم الإمام الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي.
قال أبو موسى: "مرض أبي في ربيع الأول مرضاً شديداً منعه من الكلام والقيام، واشتد ستة عشر يوماً، وكنت أسأله كثيراً: ما يشتهي؟ فيقول: أشتهي