أَبْوَالَ الْإِبِلِ) الْمُفْصِحِ بِهِ حَدِيثُهُمْ وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُ الْحَدِيثَيْنِ فِي آخِرِ الْبَحْثِ الرَّابِعِ مِنْ مَبَاحِثِ الْعَامِّ (لِمُرَجِّحِ التَّحْرِيمِ) لِشُرْبِ أَبْوَالٍ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (مَعَ إمْكَانِ حَمْلِهِ) أَيْ عَامِّ «اسْتَنْزِهُوا الْبَوْلَ» (عَلَى) مَا (سِوَى) بَوْلِ (مَا يُؤْكَلُ) كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مُبِيحُهُ مُطْلَقًا كَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَوْ لِلتَّدَاوِي فَقَطْ كَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَامٍّ مَا سَقَتْ) أَيْ «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ»

(عَلَى خَاصِّ الْأَوْسُقِ) أَيْ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» وَتَقَدَّمَ تَخْرِيجُ الْحَدِيثَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ تَخْصِيصِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ (لِمُرَجِّحِ الْوُجُوبِ) لِلْعُشْرِ فِي كُلِّ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ سَيْحًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ (مَعَ إمْكَانِ نَحْوِهِ) أَيْ حَمْلِ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ عَلَى مَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُمَا (وَكَيْفَ) يُقَدِّمُ الْجَمْعَ مُطْلَقًا عَلَى اعْتِبَارِ الرَّاجِحِ مِنْهُمَا (وَفِي تَقْدِيمِهِ) أَيْ الْجَمْعِ مُطْلَقًا عَلَيْهِ (مُخَالَفَةُ مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْعُقُولُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَرْجُوحِ عَلَى الرَّاجِحِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا بَيَانٌ لِلْمُخَالَفَةِ لَا لِمَا أَطْبَقَ وَإِلَّا لَكَانَ الْوَجْهُ الْقَلْبُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ هُوَ الْأَوْلَى (وَتَأْوِيلُ) أَخْبَارِ (الْآحَادِ) الْمُعَارِضَةِ ظَاهِرَ الْكِتَابِ (عِنْدَ تَقْدِيمِ الْكِتَابِ) عَلَيْهَا (لَيْسَ مِنْهُ) أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ ظَاهِرًا (بَلْ اسْتِحْسَانٌ حُكْمًا لِلتَّقْدِيمِ) لِلْكِتَابِ عَلَيْهَا (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (تَقْدِيمُ النَّصِّ عَلَى الظَّاهِرِ تَعَارُضًا فِيمَا وَرَاءَ الْأَرْبَعِ) مِنْ النِّسَاءِ بِمِلْكِ النِّكَاحِ لِلْأَحْرَارِ (أَيْ) قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي حِلِّ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأَرْبَعِ (وَمَثْنَى إلَخْ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى قَصْرِ الْحِلِّ عَلَى الْأَرْبَعِ (فَيُرَجَّحُ النَّصُّ) عَلَى الظَّاهِرِ

(وَيُحْمَلُ الظَّاهِرُ عَلَيْهِ) أَيْ النَّصِّ (اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (عَلَيْهِ) أَيْ نَفْيِ الْجَمْعِ بَعْدَ التَّرْجِيحِ وَعَلَى تَأْوِيلِ الْمَرْجُوحِ بَعْدَ تَقْدِيمِ الرَّاجِحِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَعْنَى الرَّاجِحِ وَلَيْسَ هَذَا جَمْعًا فَإِنَّ الْجَمْعَ أَنْ يُحْمَلَ كُلٌّ عَلَى بَعْضٍ، وَفِيهِ عَدَمُ إعْمَالِ الرَّاجِحِ فِي جَمِيعِ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ بَلْ أَعْمَلَ الرَّاجِحَ وَهُوَ النَّصُّ فِي كُلِّ مَعْنَاهُ وَهُوَ قَصْرُ الْحِلِّ عَلَى الْأَرْبَعِ ثُمَّ حَمَلَ الْمَرْجُوحَ وَهُوَ الظَّاهِرُ عَلَى هَذَا بِعَيْنِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَوْ خَالَفُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ هَذَا الْأَصْلَ (كَغَيْرِهِمْ) وَجَعَلُوا الْجَمْعَ قَبْلَ التَّرْجِيحِ حَتَّى يُصَارَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ أَحَدَهُمَا رَاجِحٌ أَوْ عُرِفَ تَأَخُّرَهُ (مَنَعْنَاهُ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُصُولَ لَيْسَتْ إلَّا مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْعُقُولِ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُبْدِيَ وَجْهًا عَقْلِيًّا وَيَعْمَلَ بِهِ وَيَدْفَعَ غَيْرَهُ إنْ أَمْكَنَهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَقَوْلُهُمْ الْإِعْمَالُ أَوْلَى إلَخْ إنْ أُرِيدَ مَعَ الْمَرْجُوحِيَّةِ مَنَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ نَقْضُ الْأُصُولِ وَمُكَابَرَةُ الْعُقُولِ وَإِنْ أُرِيدَ عِنْدَ عَدِّهِمْ الرُّجْحَانَ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَصِيرِ إلَى مَا دُونَهُمَا فَنَعَمْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا وَاَلَّذِي فِي الْمِيزَانِ الْمُخَلِّصُ مِنْ التَّعَارُضِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يَرْجِعُ إلَى الرُّكْنِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ مُمَاثَلَةٌ كَنَصِّ الْكِتَابِ وَخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ مَعَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ أَوْ خَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّةَ نَصٌّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَة وَالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ الْآحَادِ أَوْ لِأَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ رُجْحَانٌ عَلَى الْآخَرِ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ عِنْدَ عَدَمِ الْمُتَيَقَّنِ بِخِلَافِهِ، وَلَا عِبْرَةَ لِلْمُرَجَّحِ بِمُقَابَلَةِ الرَّاجِحِ وَلَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ بَيْنَ خَبَرَيْ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ وَإِنَّمَا يُوجِبُ الظَّنَّ أَوْ عِلْمَ غَالِبِ الرَّأْيِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ التَّزَايُدَ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةُ بِوُجُوهِ التَّرْجِيحِ فَأَمَّا بَيْنَ النَّصَّيْنِ كِتَابًا وَسُنَّةً مُتَوَاتِرَةً فِي حَقِّ الثُّبُوتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ التَّرْجِيحُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِثُبُوتِهَا قَطْعِيٌّ.

وَالْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ لَا يَحْتَمِلُ التَّزَايُدَ فِي نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ الثُّبُوتُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُهُ مِنْ حَيْثُ الْجَلَاءُ وَالظُّهُورُ، إلَّا إذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي مُوجِبَيْهِمَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْكَمًا وَالْآخَرُ فِيهِ احْتِمَالٌ فَالْمُحْكَمُ أَوْلَى وَثَانِيهِمَا مَا يَرْجِعُ إلَى الشَّرْطِ بِأَنْ لَا يَثْبُتَ التَّنَافِي بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ وَالْحَالِّ وَالْقَيْدِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَاخْتِلَافِ الزَّمَانِ حَقِيقَةً أَوْ دَلَالَةً وَبَيَانُهُ أَنَّ النَّصَّيْنِ إذَا تَعَارَضَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا خَاصًّا وَالْآخَرُ عَامًّا فَأَمَّا أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَانٌ يَصْلُحُ لِلنَّسْخِ فَفِي الْخَاصَّيْنِ يُحْمَلُ أَحَدُهُمَا عَلَى قَيْدٍ أَوْ حَالٍ أَوْ مَجَازٍ مَا أَمْكَنَ وَفِي الْعَامَّيْنِ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015