صُغْرَى أَوْ كُبْرَى (لِانْتِفَاءِ الطَّرِيقِينَ) اللَّذَيْنِ إنَّمَا يَرْتَدُّ هَذَا الشَّكْلُ إلَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ بِأَحَدِهِمَا، وَهُمَا الْعَكْسُ وَالْقَلْبُ (مَعَهَا) أَيْ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ أَمَّا انْتِفَاءُ الْعَكْسِ فَلِأَنَّ هَذِهِ السَّالِبَةَ الْجُزْئِيَّةَ لَا تَنْعَكِسُ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ الْقَلْبِ فَلِأَنَّهَا حِينَئِذٍ إنْ كَانَتْ كُبْرَى صَارَتْ صُغْرَى الْأَوَّلِ سَالِبَةً، وَإِنْ كَانَتْ صُغْرَى صَارَتْ كُبْرَى الْأَوَّلِ جُزْئِيَّةً وَكِلَاهُمَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْتَاجِ فِيهِ كَمَا عُرِفَ.

ثُمَّ لَمَّا كَانَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُوجَبَةَ الْكُلِّيَّةَ إذَا تَسَاوَى طَرَفَاهَا تَنْعَكِسُ كَنَفْسِهَا فَرَّعَ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَسَاوَيَا) أَيْ الطَّرَفَانِ (فِي الْكُبْرَى الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ صَحَّ) رَدُّ هَذَا الضَّرْبِ إلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ بِعَكْسِهِمَا لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَكَانَتْ النَّتِيجَةُ حِينَئِذٍ مُوجَبَةً كُلِّيَّةً (وَإِذَا كَانَتْ الصُّغْرَى) فِي هَذَا الشَّكْلِ (مُوجَبَةً جُزْئِيَّةً فَيَجِبُ كَوْنُ الْأُخْرَى السَّالِبَةِ الْكُلِّيَّةِ) ، وَإِلَّا لَكَانَتْ إمَّا مُوجَبَةٌ لِسُقُوطِ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَتْ كُلِّيَّةً لَزِمَ مِنْهُ جَعْلُ الْجُزْئِيَّةِ الْمُوجَبَةِ كُبْرَى لِلشَّكْلِ الْأَوَّلِ أَيُّ الطَّرِيقَيْنِ سَلَكْت أَمَّا طَرِيقُ الْعَكْسِ فَلِأَنَّ عَكْسَ الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ مُوجَبَةٌ جُزْئِيَّةٌ، وَأَمَّا طَرِيقُ الْقَلْبِ فَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الصُّغْرَى مُوجَبَةٌ جُزْئِيَّةٌ فَتَحُلَّ مَحَلَّ الْكُبْرَى وَالْجُزْئِيَّةُ الْمُوجَبَةُ لَا تَصْلُحُ كُبْرَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ جُزْئِيَّةً فَالْجُزْئِيَّتَانِ لَا تَنْتُجَانِ بِنَفْسِهِمَا وَلَا بِعَكْسِهِمَا بِوَجْهٍ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ غَيْرَ مُتَسَاوٍ طَرَفَاهَا.

فَأَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فَنَقُولُ (وَعَلَى التَّسَاوِي تَجُوزُ الْمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ) أَنْ تَكُونَ كُبْرَى لَلْمُوجَبَةِ الْجُزْئِيَّةِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ لُزُومُ صَيْرُورَةِ كُبْرَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ جُزْئِيَّةً، وَهَذَا الْمَانِعُ قَدْ انْعَدَمَ حِينَئِذٍ لِانْعِكَاسِهَا كُلِّيَّةً إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْعَكْسِ (أَوْ) كَانَتْ الصُّغْرَى فِي هَذَا الشَّكْلِ (السَّالِبَةَ الْكُلِّيَّةَ فَيَجِبُ) حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ (الْكُبْرَى كُلِّيَّةً مُوجَبَةً لِامْتِنَاعِ خِلَافِ ذَلِكَ) أَمَّا الْمُوجَبَةُ الْجُزْئِيَّةُ فَلِأَنَّهُ لَوْ قُلِبَتْ حِينَئِذٍ الْمُقَدِّمَتَانِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ عَكْسِ النَّتِيجَةِ، وَهِيَ جُزْئِيَّةٌ سَالِبَةٌ لَا تَنْعَكِسُ وَلَوْ عَكَسْتهمَا صَارَتْ الْكُبْرَى جُزْئِيَّةً فِي الشَّكْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا السَّالِبَةُ الْكُلِّيَّةُ فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ الْقِيَاسُ مِنْ سَالِبَتَيْنِ، وَهُمَا لَا يُنْتِجَانِ أَصْلًا، وَقَدْ عَرَفْت مَعَ هَذَا أَيْضًا سُقُوطَ السَّالِبَةِ الْجُزْئِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ شَرْطَ إنْتَاجِ هَذَا الشَّكْلِ أَنْ لَا تَكُونَ صُغْرَاهُ سَالِبَةً جُزْئِيَّةً مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْصُورَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَا سَالِبَةً كُلِّيَّةً مَعَ مِثْلِهَا، وَلَا مَعَ مُوجَبَةٍ جُزْئِيَّةٍ وَلَا مُوجَبَةٍ جُزْئِيَّةٍ مَعَ مِثْلِهَا وَلَا مَعَ الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ وَلَا أَنْ تَكُونَ كُبْرَاهُ سَالِبَةً جُزْئِيَّةً مَعَ إحْدَى الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ فَحِينَئِذٍ (ضُرُوبُهُ) الْمُنْتِجَةِ مِنْ الضُّرُوبِ الْمُمْكِنَةِ الِانْعِقَادِ فِيهِ خَمْسَةٌ لَا غَيْرُ.

الضَّرْبُ الْأَوَّلُ (كُلِّيَّتَانِ مُوجَبَتَانِ) يُنْتِجُ مُوجَبَةً جُزْئِيَّةً، مِثَالُهُ (كُلُّ مَا يَلْزَمُ عِبَادَةً مُفْتَقِرٌ إلَى النِّيَّةِ وَكُلُّ تَيَمُّمٍ يَلْزَمُ عِبَادَةً، لَازِمُهُ كُلُّ تَيَمُّمٍ مُفْتَقِرٌ إلَى النِّيَّةِ بِقَلْبِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ) فَيُقَالُ كُلُّ تَيَمُّمٍ يَلْزَمُ عِبَادَةً وَكُلُّ مَا يَلْزَمُ عِبَادَةً مُفْتَقِرٌ إلَى النِّيَّةِ فَيُنْتِجُ اللَّازِمَ الْمَذْكُورَ (ثُمَّ يَعْكِسُ) عَكْسًا مُسْتَوِيًا (إلَى الْمَطْلُوبِ جُزْئِيًّا بَعْضُ الْمُفْتَقِرِ تَيَمُّمٌ فَإِنْ قُلْت مَا السَّبَبُ) فِي كَوْنِ الْمَطْلُوبِ فِي هَذَا جُزْئِيًّا (وَكُلٌّ مَنْ لُزُومِ الْكُلِّيَّةِ) الْكَائِنَةِ فِي اللَّازِمِ الْمَذْكُورِ لِلْمَلْزُومِ الْمَذْكُورِ (وَمَعْنَاهَا صَحِيحٌ قِيلَ) إنَّمَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِي هَذَا جُزْئِيًّا (لِفَرْضِ كَوْنِ الصُّغْرَى مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَيْ شَكْلٍ مِنْ الْأَشْكَالِ الْأَرْبَعَةِ قَدْرَ (مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَوْضُوعِ الْمَطْلُوبِ وَالْكُبْرَى مَحْمُولَةٌ) أَيْ وَكَوْنُ الْكُبْرَى مُطْلَقًا مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَحْمُولِ الْمَطْلُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِذَا زَعَمْت أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ) عَلَى الْمَطْلُوبِ الَّذِي هُوَ افْتِقَارُ التَّيَمُّمِ إلَى النِّيَّةِ (بِالرَّابِعِ) أَيْ بِالشَّكْلِ الرَّابِعِ (كَانَ الْمُفْتَقِرُ مَوْضُوعَهُ) أَيْ الْمَطْلُوبُ (وَالتَّيَمُّمُ مَحْمُولُهُ) أَيْ الْمَطْلُوبُ (وَالْحَاصِلُ عِنْدَ الرَّدِّ) إلَى الشَّكْلِ الْأَوَّلِ (عَكْسُهُ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ مَوْضُوعَ الْمَطْلُوبِ، وَالْمُفْتَقِرُ مَحْمُولَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى عَكْسِهِ (فَيَنْعَكِسُ جُزْئِيًّا) لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْمُوجَبَةَ الْكُلِّيَّةَ تَنْعَكِسُ مُوجَبَةً جُزْئِيَّةَ فَهَذَا سَبَبُ كَوْنِ اللَّازِمِ فِي هَذَا الضَّرْبِ جُزْئِيًّا ثُمَّ نَقُولُ عَلَى وَتِيرَةِ مَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ تَسَاوَيَا) أَيْ الطَّرَفَانِ فِي الْمُوجَبَةِ الْكُلِّيَّةِ الَّتِي هِيَ لَازِمُ هَذَا الضَّرْبِ (كَانَ) عَكْسُهُ (كُلِّيًّا) وَلَا يَتَأَتَّى السُّؤَالُ الْمَذْكُورُ.

الضَّرْبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015