وأما إعادة بعضهم الإسناد آخر الكتاب فلا يدفع هذا الخلاف إلا أن يفيد احتياطاً وإجازة بالغة من أعلى أنواعها، والله أعلم.
الحادي عشر: إذا قدم المتن كقال النبي صلى الله عليه وسلم وكذا، أو المتن وأخر الإسناد كروى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا ثم يقول: أخبرنا به فلان عن فلان حتى يتصل صح وكان متصلاً، فلو أراد من سمعه هكذا تقديم جميع الإسناد فجوزه بعضهم، وينبغي فيه خلاف كتقديم بعض المتن على بعض بناء على منع الرواية بالمعنى، ولو روي حديثاً بإسنادهم ثم أتبعه إسناداً قال في آخره مثله فأراد السامع رواية المتن بالإسناد الثاني فالأظهر منعه، وهو قول شعبة، وأجازه الثوري، وابن معين إذا كان متحفظاً مميزاً بين الألفاظ، وكان جماعة من العلماء إذا روى أحدهم مثل هذا ذكر الإسناد ثم قال مثل حديث قبله متنه كذا، واختار الخطيب هذا، وأما إذا قال نحوه فأجازه الثوري، ومنعه شعبة، وابن معين، قال الخطيب: فرق ابن معين بين مثله ونحوه يصح على منع الرواية بالمعنى، فأما على جوازها فلا فرق، قال الحاكم: يلزم الحديثيّ من الإتقان أن يفرق بين مثله ونحوه فلا يحل أن يقول مثله إلا إذا اتفقا في اللفظ ويحل نحوه إذا كان بمعناه.
الثاني عشر: إذا ذكر الإسناد وبعض المتن ثم قال: وذكر الحديث فأراد السامع روايته بكماله فهو أولى بالمنع من مثله ونحوه، فمنعه الأستاذ أبو إسحاق، وأجازه الإسماعيلي إذا عرف المحدث والسامع ذلك الحديث، والاحتياط أن يقتصر على المذكور ثم يقول: قال، وذكر الحديث وهو هكذا ويسوقه بكماله، وإذا جوز إطلاقه فالتحقيق أنه بطريق الإجازة القوية فيما لم يذكره الشيخ، ولا يفتقر إلى أفراده بالإجازة.
الثالث عشر: قال الشيخ رحمه الله: الظاهر أنه لا يجوز تغيير قال النبي صلى الله عليه وسلم إلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عكسه وإن جازت الرواية بالمعنى، لاختلافه، والصواب - والله أعلم - جوازه، لأنه لا يختلف به هنا المعنى، وهذا مذهب أحمد بن حنبل، وحماد بن سلمة، والخطيب.