فإذا تطهرن, وإن طهرن, وأمثال هذا من ألفاظ الشروط, وإنما وجب تخصص العموم بهذه الشروط للاتفاق على أنه إذا قال اقتلوا المشركين {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية, واقطعوا السارق وجب الإطلاق مع القول بالعموم الشمول والاستغراق لكل من يجري عليه الاسم حتى إذا قال اقتلوا المشركين إن كان حربيين, أو إذا كانوا وثنيين صارت هذه الشروط مخصصة للفظ ومخرجة له عن حكم التجريد والإطلاق باتفاق.
وكلما زيد في الشرط تزايد تخصص العام, لأنه لو قال اقتلوا المشركين إذا كانوا عربًا حربيين قرشيين أبطحيين, وأمثال ذلك تزايد تخصص العام بزيادة الشروط, لأنه لا يجب حينئذ قتل أحد منهم حتى يجتمع له جميع الشروط المذكورة, فبان بذلك ما قلناه.
فصل: وقد زعم بعض من تكلم في أصول الفقه أن الشرط للحكم لا يكون شرطًا له على الحقيقة حتى يكون مما إذا كان مشروطة لا محالة, وإذا لم يكن المشروط, وهذا باطل, لأنه إنما يجب في الشرط للحكم الشرعي الذي لا يثبت الحكم إلا بثبوته, ولا يجب متى لم يثبت ثبوت الحكم, ولذلك كان انقضاء الحيض شرطًا لتحليل الوطء ولا يحل إلا مع عدمه, ولا تجب إباحة الوطء بحصوله, لأنه قد يكون مشروطًا بشرط آخر مع انقضاء الحيض, وهو الغسل والمتطهر من دم الحيض, ولذلك قال تعالى: {حَتَّى يَطْهُرْن} {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} فجعل لإباحة الوطء شرطين, فكل حكم جعل له شرطان وشروط يجب أن لا يثبت إلا بثبوت شروطه, واستكمالها, فلا يجب متى رتب بعض الشروط بثبوت الحكم بثبوته, ومثل هذا أيضًا في العقليات