قالوا: ومنه قول الشاعر:
أدوا التي نقصت تسعين من مائة ثم ابعثوا حكمًا بالحق قوالًا
وهذا الذي ادعوه من استثناء الستة والسبعة من العشرة, والعشرة من الدينار, والدينار من العشرة غير ثابت ولا موقف عن أهل اللغة وإن استعمله من الناس القليل عن غير توقيف, وما يتعلق بذلك من الأحكام في الإقرار مأخوذ من جهة الاجتهاد وضروب أدلة السمع دون اللغة.
وقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} يقدر تقدير ابتداء الكلام, كأنه قال: بل قم نصفه أو زد عليه أو انقص منه, فإنه أعظم لثوابك وأصلح في تكليفك من قيام الأقل منه, على أن النصف ليس بأكثر الداخل تحت الاسم, وقوله انقص منه ابتداء كلام متصل بالاستثناء.
وقول الشاعر: أدوا التي نقصت تسعين من مائة ليس باستثناء الأكثر مما دخل تحت الاسم للمائة, ولا لفظه لفظ الاستثناء, وإنما فيه ذكر نقصان الأكثر مما دخل تحت الاسم, وليس ينكر أن يقول القائل: أخذت من المائة تسعين ومن العشرة تسعة, ولا يجوز قياسًا على هذا أن تقول: له عندي عشرة إلا تسعة بلفظ الاستثناء, كما لا يجوز أن تقول: له عندي عشرة إلا تسعة وخمسة دوانيق وتسع حبات حتى يبقى من العشرة حبة وفلسًا, وإذا كان ذلك كذلك ضعف القول بهذا, وصح ما قلناه.