والقائلون بالعموم يقولون في جميع هذه الاستثناءات أنها تخرج من المستثنى ما لولاه لكان داخلًا في الخطاب.

ومن أهل الوقف من يقول هي كلها تخرج من الخطاب ما كان يصح ويجوز دخوله فيه, وهذا قول من يزعم أن القول استثناء وبابه يقع على التام والناقص, وأنه لم يوضع لكمال الجملة والعدد.

وفريق منهم يقول: بل الاستثناء من ألفاظ الجموع المطلقة هي التي تخرج ما كان يصح دخوله في الخطاب, فأما استثناء يد زيد من الجملة, والبيت من القصيدة والباب من الدار والواحد من العشرة والخمسين من الألف, وأنه استثناء لما يجب دخوله تحت اللفظ لولا الاستثناء, وهذا قول من يقول إن أسماء الجمل موضوعة لإفادة كمالها, فسواء كانت جملة أعداد أو جملة نخلة ودار وإنسان, وأمثال ذلك, وفي هذا نظر قد ذكرناه في غير هذا الكتاب.

والضرب الثاني من الاستثناء يخرج من الخطاب من يجري عليه الاسم, وليس بمخرج من الخطاب من دخل فيه, ولا من يصح دخوله, ولا مما قصده المتكلم قط بكلامه وإن كان الاسم واقعًا عليه, وذلك نحو قولك من دخل داري أكرمته إلا اللصوص وأهل الغارة, ومن لقيته أكرمته إلا قاتل ولدي والمستخف بحقي والقاصد لقتلي وأمثال ذلك, وهذا ونحوه مما يعلم بالعرف وشاهد الحال ويقع اضطرارًا أنه مما لم يدخله المتكلم قط في كلامه ولا قصده, ولا يصح أن يقصد إكرام قاصد قتله وسبي ذريته, هذا محال وإن كان الاسم واقعًا عليه.

ومن الاستثناء ما هو عند أهل اللسان استثناء من غير الجنس, ومنه قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ} وليس هو من الملائكة لقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} وقوله تعالى: {وَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015