باب
القول في جواز تقدم للاستثناء على المستثنى منه
فإن قيل: قد قلتم في صدر هذا الباب بصحة تقدم الاستثناء على المستثنى منه إذا كان معنى كلام يكون معه جملة واحدة, وأن العرب قد استعملت ذلك فأخبرونا ما صورته؟
قيل له: المتقدم من الاستثناء على ضربين:
فضرب منه متقدم متبتر منقطع مقطوع غير مفيد, وهو إذا كان ذلك كذلك بمثابة المتأخر المنقطع الذي وصفناه وخبرنا أنه لا يفيد, فصورته أن يقول "ما مررت إلا" ويقطع الكلام, ثم يقول بعد يوم لرجل أباك وأخاك "أحد" وهذا لا يفيد ولا يعقل أباك بأحد معنى ما, وذلك فاسد غير مستعمل.
فأما صورة المتقدم المفيد فنحو ذلك ما جاءني إلا أخاك أحد, وقولك: ما مررت إلا أباك بأحد, وقد تكلمت العرب بذلك نثرًا ونظمًا, ومنه قول كعب بن مالك رحمة الله عليه.