وقلنا أيضاً إن كانوا قد وضعوه لأحد الأمرين ولم ينقل ذلك عنهم/ فلا تقوم به الحجة علينا وجب القول بالوقف فيه لعدم علمنا بما وضعوه له، فبطل جميع ما يحاولون القدح به في هذه الدلالة.

فصل: دليل آخر.

ومما يدل - أيضا - على وجوب القول بالوقف اتفاق أهل اللغة والمعاني على حسن الاستفهام على مراد القائلين بقوله اصرم النخل، واضرب العبيد، ورأيت الناس، وأمثال ذلك وهل أراد بهذا الكلام البعض. ولذلك حسن الاستفهام عن قوله من عصاني عاقبته، ومن أطاعني أثبته، وأين رأيت زيداً أكرمته، ومتى كلمني كلمته. فلولا أن جميع هذه الألفاظ صالحة بإطلاقها للبعض تارة وللكل أخرى لم يحسن الاستفهام عن المراد بها عند إطلاقها إذ كان عندهم موضوعاً للعموم، ولم يصلح وروده أبداً للخصوص، وقد اتفق على أنه لا يحسن الاستفهام عن شيء لا يصلح تناول اللفظ له، ولا يجري عليه، ولذلك قبح أن يقال لمن قال رأيت الناس، هل رأيت الحمير أم الناس؟ وحسن أن يقال: أرأيت الكل أم البعض منهم. وإذا كان ذلك كذلك وجب صلاح استعمال مطلق اللفظ في عموم تارة وفي الخصوص أخرى، لأنه لو ورد مقرونا بما ينبئ عن البعض أو بما ينبئ عن الكل لقبح الاستفهام مع القرائن الدالة على المراد - وإنما يحسن الاستفهام عن معنى الإطلاق المتجرد عن القرائن لاحتماله الخصوص والعموم، كما يحسن عن معنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015