وغيرهما، إلا أن يراد بذله أن مخرجه العموم عند معتقدي ذلك فيه، لأن الدليل قد قام على أنه مشترك بين العموم والخصوص وبمثابة سائر الألفاظ والأسماء المشتركة التي لا يجوز أن يقال أن مخرجها مخرج بعض محتملاتها، ولو ساغ أن يقال أن مخرج الخطاب العموم لصلاحه له لجاز أن يقال إن مخرجه الخصوص لصلاحه له، وذلك باطل فيجب تجنب هذه اللفظة.
فصل: وقد زعم أهل الوقف أن الخبر إذا ورد بوعيد العصاة من أهل الملة ومن لم يبلغ عصيانه الكفر وجب الوقف فيه وتجويز القصد به إلى العموم أو الخصوص لقوله عز وجل: {إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ / ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}. وقوله تعالى: {وإنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}. وهذا القول أيضا باطل، لأنه قول يوجب أنه لولا ورود قوله: (ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ) لوجب استغراقه للعصاة من أهل القبلة والظلمة والفجار وأكلة أموال الأيتام، وذلك فاسد، لأنه محتمل في أصل الوضع للكل وللبعض فيما يحتاج الوقف فيه إلى ذلك فيرد ما ذكروه.
فصل: وقال فريق آخر من أهل الوقف واجب الوقف ثم وعيد أهل القبلة لجواز أن يستثني الله تعالى في وعيدهم ويشرط فيه شرطاً غير ظاهر، ثم لا يفعل ما توعد به ويكون صادقاً. وهذا قول من زعم أن الوعيد خبر عن وقوع المتوعد به. وهذا خطأ، لأن الوعيد إرهاب وتهديد، وليس بخبر عن وقوع المتوعد به، إلا أن يقصد إلى إيقاع المتوعد به، على ما قد بيناه في الكلام في الوعيد.