نحو الثلاثة والعشرة والمائة لفظ يخصه, وأن لفظ الجمع مخالف للفظ الواحد في أصل الوضع لا بقصد المتكلم منا, وإن كانت إنما تدل في الأصل بقصد المتواضعين على دلالتها على ما بيناه فيما سلف. وكذلك فإن تأكيد الجمع. مخالف لتأكيد الواحد في أصل الوضع, وأنه محال أن يقال اضرب مخالف لتأكيد الواحد في أصل الوضع, وأنه محال أن يقال اضرب القوم نفسه, وأكرم زيدا أجمعين, ولكن من أين أن القول القوم والناس والمشركون- وإن كان اسما يعم ما يشتمل عليه ويراد به- فإنه موضوع لاستغراق جميع من يقع عليه الاسم, بل ما أنكرتم أن يكون اسم" جميع أقل ما يجب دخوله تحت أقل الجمع على اختلاف الناس, وأنه يصلح أن يتناول ما زاد على ذلك من الأعداد إلى استغراق -[340]- جميع الجنس, وكذلك تأكيده بالقول كلهم وأجمعين وسائرهم إنما هو تأكيد يفيد الجمع الذي يقصده المتكلم بالاسم, وليس بلفظ موضوع للاستغراق, كما أن ما هو تأكيد له ليس بموضوع لذلك, فوجب أن يكون التأكيد والمؤكد من أسماء الجموع موضوعا لإفادة جمع دخل تحت الاسم, وهو مخالف لاسم الواحد وتأكيده مما في هذا مما يدل على أن التأكيد والمؤكد موضوع لاستغراق الجنس.
فإن قالوا لأن القول أجمعين وكلهم وسائرهم مفيد لاستغراق من يقع عليه الاسم. فيجب أن يكون المؤكد مثله.
يقال: هذه غفلة منكم أننا لو سلمنا أن ما ذكرتموه من ألفاظ التأكيد موضوع للاستغراق لكنا قائلين بالعموم, ولكن ليس الأمر على ما ادعيتم, لأن القول كلهم وجميعهم وسائرهم محتمل للبعض وللكل.
ومعرض لهما جميعا, كما أن هذه حال ما هو تأكيد له, ولهذا يحسن أن يقول القائل أكرم العلماء والأشراف كلهم أجمعين الكبير والصغير وسائرهم