باب
الكلام في فصول النهي وأحكامه
اعلموا - رحمكم الله - إن أكثر ما ذكرناه في أحكام الأمر يدل إذا تأمل على أحكام نقيضه من النهي. فيجب التنبه عليه من أبواب الأمر.
وأول ما يقال منه إن النهي: "هو القول المقتضى به ترك الفعل" والقول تركه واجتنابه والانصراف عنه بمعنى واحد. ومن زعم أنه قد يخل المكلف من الفعل، فإنه يقول: "هو (القول) المطالبة بأن لا يفعل الفعل" على ما بيناه من قبل. والأول هو الصحيح.
وما بينا به أن الأمر معنى في النفس يعبر عنه بهذه الأصوات، وأنه أمر لنفسه، وأنه لا يوجد ولا مثله إلا وهو أمر يدل على ذلك من حكم النهي.
وكذلك ما بيناه بم أنه لا يجب أن يُعتبر في أن الأمر ضرورة ممن هو فوق المأمور يدل على أنه لا يجب أن يُعتبر في وجوب كون النهي نهيًا ضرورة عمن هو فوق المنهي عنه.
وما دللنا به على أنه لا يصح أمر الآمر لنفسه يقتضي أن لا يصح نهيه لنفسه.