باب
القول في ترتيب أوامر الشرع وما يجب منها على الكل
وما يجب على فريق دون فريق، وما يجب على الكفاية
دون الأعيان
قد بينا فيما سلف أن فرض الإيمان وتصديق الرسل عليهم السلام من فرائض الأعيان ولازم لكل واحد من العقلاء في عينه، لا يسقط عن البعض لقيام البعض به. وكذلك القول في كل ما جرى مجراه من فرض الصلاة والحج والصيام.
والضرب الثاني تختلف فيه فرائض المكلفين كفرض الحر والعبد والمقيم والمسافر والطاهر والحائض، وأمثال هؤلاء ممن اختلفت فرائضهم.
والضرب الآخر يلزم فريق من الأمة دون فريق كفروض الأئمة وخلفائهم من إقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وتسليم الغنائم، وحماية البيضة. وكل ما يتعلق فرضة بالأئمة، مما لا يجوز تولي غيرهم وغير خلفائهم له. ومنه - أيضًا - فرض الحكام والمفتين في الدين، لأنه من فرائض العلماء والحكام دون العامة.
ومن الفروض ما هو فرض على الكفاية دون الأعيان. ومعنى وصفه بأنه فرض على الكفاية أنه لازم لكل واحد من الأمة في عينه بشريطة إن لم يقم به غيره، فإن فعله الغير سقط عن سائر الباقين. وذلك كفرض الجهاد والصلاة