لأن النطق بذلك ليس هو حقيقة الإيمان. إن التصديق والمعرفة بالتوحيد والنبوة من أفعال القلوب، والنطق بالأصوات دلالة عليه إذا وقع من عاقل قاصد. ولذلك كان الساكت والممنوع من النطق بالشهادتين مؤمنًا مخلصًا إذا اعتقد ذلك بقلبه. ولأجله كان الأخرس مخلصًا مؤمنًا وإن لم يكن متكلمًا ناطقًا بلسانه ولم يكن النائم والمغلوب بالآفات مؤمنًا وإن نطق بذلك من غير علمٍ وقصدٍ واعتقاد. ولو وجد النطق بذلك وعدم في الاعتقاد له، أو وجد الاعتقاد لضده لم يكن الناطق به مؤمنًا، ولذلك لم يكن المنافق مؤمنًا، وإن كان ناطقًا. وقد بينا الكلام في هذا الباب، وتقصيناه في أصول الديانات بما يغني متأمله إن شاء الله تعالى /ص 291 وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون حكم النطق بهما وحكم الناطق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم موقوفًا في وجوب تكراره على السمع أو الاقتصار على فعل مرة في العمر أو مرات مخصوصة. ووجوب ذلك عند الخوف من القتل والنسبة إلى الكفر، وغير ذلك من وجوه الضرب بترك الإظهار موقوفًا على ما يريده ويوجبه السمع.
وقد ذكر عن بعض الفقهاء والمتكلمين أن النطق بذلك أجمع لا يجب تكرره، وإنما. يلزم مرة في العمر.
فإن كان الإجماع والتوقيف ثابتًا بخلاف ذلك وجب اطراح القول به، وإن لم يرد سمع، وما يقوم مقامه دال على وجوب تكرره لم يجب ذلك. وإن ورد أمر مطلق في القرآن أو السنة بأن قول ذلك واجب على المكلفين لم يوجب ظاهره أكثر من فعل ما يدخل به في أوائل الاسم على ما بيناه من قبل، ومع ذلك فلا