لنا عن ذلك، فهو أمر بالزكاة مع عدم المال بشرط وجوده وكمال الحول والنصاب والأسباب التي عند كمالها تجب زكاة المال، فدعوى المدعي لوصفه بذلك مجازًا واتساعًا باطل، لا حجة عليه. ولذلك يقال فيمن فعل ما تقدم أمره به قد أطاع وفعل ما أُمر به، وكذلك يقال: قد كنت نهيتك عن هذا الفعل. وكنت أمرتك بكذا وتقدمت أن تفعل كذا، ولا تفعل كذا، وكل هذا مبطل ما ادعوه. فإن قالوا: أفتقولون أنه أمر بالمعدوم / على وجه الإيجاب عليه والإلزام؟
قيل: أجل، بشريطة أن إذا كنت ووجدت وجب عليك تنفيذ موجبه، كما نقول إننا مأمورون على الحقيقة بفعل الصلاة وترك المعاصي في غدٍ، بشريطة حصول الوقت وكوننا على صفة المكلفين.
فصل: ومم يدل على ذلك - أيضًا - ويوضحه اتفاق الكل على صحة أمر الموصي في وصيته لمن يكون ويحدث من ولده ونسل نسله مما يذكره في سبيل وصيته. وإن كان المأمور بذلكن معدومًا بشرط أن يوجد فكان بصفة المكلفين، وليس في الأمة من يقول إن أمر الموصي ووصيته ونهيه أمرٌ ونهي على سبيل المجاز. وأن ما يفعله من يفضي إليه ولاية (الولاية) الوصية يفعل ما يفعله من شغلها بغير أمر الموصي. وأنه تصرف برأي الناظر دون موجب وصية الموصي. ولا فيهم - أيضًا - من يقول إن الموصى يُحدث وصية وأمرًا ونهيًا بعد موته لمن يفضي إليه النظر في وصيته. وإذا كان كذلك ثبت أن جميع ما يفعله الموصى إليه إنما يفعل بوصيته وأمره، وإن كان المأمور الموصى إليه معدومًا إلى أن كان ووجد، فصح ما قلناه.