فصل: فأما قول من قال من القدرية: إنه لا يصح أن يتقدم عليه إلا بقدر وقت واحد، فإنه باطل، لأن الأمر عندهم هذه الأصوات التي هي القول ((إفعل)) أو قد أمرتك أن تفعل. وهذه أصوات متغايرة توجد في أوقات متغايرة ومحال وجود حرفين منها في وقت واحد. هذا محال من الكلام. هذه حال الأمر إذا كان مواجهة للمأمور.

وأما إذا كان أمر الله لخلقه ليحتاج عندهم إلى أوقات يحدث فيها بعدد حروفه، ثم حال يستمعه متلقنه عنه، ثم حال تفهمه وتأمله، ثم حال أو أحوال يؤديه فيها إلى المكلف. فبطل بذلك ما قالوه. فيجب لذلك تقدمه عليه بأوقات كثيرةً.

فصل: فأما تعليل وجوب تقدمه - إذا كان دلالةً على الفعل، وترغيبًا فيه - بوقت (أو) أوقات لكون تقدمه مصلحةً للمكلف فساقط عندنا، لأن الله تعالى قد يستصلح بالتكليف، وقد لا يستصلح، وكذلك غيره على ما بيناه من قبل، فبطل اعتبار المصلحةً العامةً أو الخاصةً للمبلغ فقط في هذا الباب.

ومن أوجب منهم تقدمه على الفعل بقدر وقت / واحد أو قدر عدد حروف ص (283) الآمر أو سماع المأمور وتدبره لمعناه. لأنه لا يوجب ذلك لكونه مصلحة في التكليف، ولكن لأنه لا يصح أن يكون أمرًا لمأمور إلا أن يتقدم بهذا القدر من الأوقات، وإلا كان إحالةً وتكليفًا للمحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015