باب
القول أنه يصح على المكلف وغيره من الخلق
(أن لا يعلم) بأنه مأمور بالفعل أم لا؟
اعلموا - وفقكم الله - أنه لا خلاف بين سلف الأمة - قبل محدث الخلاف عليهم من القدرية - في وجوب كون المكلف عالمًا بأنه مأمور بفعل العبادات واجتناب الذنوب والمحظورات? غير أنه عالم بأنه مأمور بذلك بشريطه بقاءه إلى حين وجوب الفعل، وكونه على صفة من يلزمه التكليف على ما بينا.
ولذلك يقول المسلمين قاطبةً إن الله سبحانه أمرنا بفعل العبادات في غدٍ وما بعده، وبترك المحرمات? ولا بد أن يكون أمره تعالى بذلك مشروطًا ببقائهم وكونهم على صفة المكلفين، لاعتقاد الجميع لزوال التكليف وسقوطه مع الموت وما يجرى مجراه، فثبت أنه مكلف بشرط ما وصفنا? وقد كشفنا صحة ذلك ووجوب الامتحان به ووجه جوازه بما يغني عن رده، فوجب علم المكلف وقطعه على كونه مأمورًا بالأفعال في المستقبل بشرط ما وضحناه، وبهذه الشريطه يعتقد المتلبس بالصلاة والحج وسائر العبادات ذوات الجمل والأبعاض أنه مأمور بذلك وناوٍ به أداء ما لزمه ووجب عليه، لا على القطع على بقائه، وعلى أنه شرع في غير واجب عليه.
فصل: وقد قالت القدريةً قي هذا الباب خلاف قول جميع الأمة سلفها وخلفها. فزعمت أنه لا يجوز أن يكون أحد من العقلاء المكلفين عالمًا به مأمورًا