يحتاج إلى الآلة في حال وقوعه مع تقديم سببه.
وأما جواز التكليف لأحكام الفعل مع عدم الفعل به فجائز على القول بصحة تكليف الحال الذي لا يصح فعله ولا تركه، وعلى القول بإحالة ذلك لا يصح، لأنه حينئذ لا يمكن فعله ولا تركه.
وأما تجويز التكليف لإيقاع الفعل على وجه لا يحصل عليه إلا بإرادةً مع المنع من الإرادةً، وممن يستحيل كونه مريدًا فصحيح -أيضًا- مع تجويز تكليف الحال، ومحال مع منع ذلك? فيجب ترتيب الأدلة عما يسألون عنه من هذا الباب.
فصل: وقد استدل بعض من قال: إن الأمر من الله تعالى يصح بشرط بقاء المأمور? وبقاء صفاته التي يصح التكليف عليها - لأنه أمر - في الحقيقة - لمن يعلم أنه يكون ميتًا ومعدومًا وقت الفعل بهذا الشرط بأن الأمةً متفقةً على ذم من ص 273 منع غيره من فعل الصلاةً وإمساكه وقت تضيقها عليه / واستحقاقها. فلولا أنه مانع له من أمر يفعله بشريطةً زوال منعه إياه لما استحق المانع له الذم على منعه، ولكان بالمدح على ذلك أحق وأولى، لأنه بمنعه إياه قد أسقط عنه الفرض والأمر. ولما لم يكن ممدوحًا، وكان مذمومًا بمنعه دل ذلك على انه منعه من فعل وجب عليه وأمر به بشرط إطلاقه وزوال منعه.
وهذا عندنا بصحيح؛ لأنه إنما قبح منع المانع وإمساكه لمن ذكروه لمنع السمع من ذلك وحظره عليه، لأنه قد حظر علينا منعنا لغيرنا من فعل ما يريده إذا لم يكن عليه ولا علينا ضرر وإن لم يكن ما يمنعه منه واجبًا. ولهذا صار منعنا لغيرنا من فعل المباح وإذا قصده قبيحًا مستوجبًا عليه الذم. وإن لم يكن المباح الذي نمنعه منه واجبًا، وكذلك منعنا له من الندب قبيح لأن لم يكن واجبًا ولا مأمورًا به على قول منكر كونه مأمورًا به، فبطل ما قالوه.