وهذا باطل، لأن الأمة مجمعةً على أن نفس السجود للشيطان منهي عن إيقاعه كما أن إرادة / ص 268 الشيطان به والتقرب به إليه منهي عنه. وإذا ثبت أنهما منهيان عنهما وجب أن يقال إن نفس السجود المراد به الشيطان وإرادته به منهي عنه. وأن يقال إن السجود المفعول مع إرادة الله تعالى به غير السجود الذي يراد به القربة إلى الشيطان. وإذا كانا متغايرين لم يكن المأمور به هو نفس النهي عنه وهذا قريب (فيجب أن يقال: إن نفس ما يقع من السجود مع إرادة الشيطان به غير الذي نهي عنه أن يقع مع إرادة الله سبحانه بالعمل، والمنهي عنه إذا على هذا غير السجود المأمور به، وهذا قريب.
وأما من أحال كون الأمر والإرادة مشروطين ومتناولين للمراد المأمور به على وجه، والنهي والكراهة متناولين لنفس المأمور به على غير الوجه الذي تتناوله الإرادة والأمر به، فإنه يعتل في ذلك بأن الأمر بالفعل أمر بإحداثه، والنهي عن فعله على غير دلك الوجه إنما هو نهي عن إيقاعه وإحداثه. وهذا يوجب أن يكون إيقاعه مأمورًا به ومنهيًا عنه. ويراد تكررها على وجه واحد، وهو وجه الحدوث أو الاكتساب على قولنا. ولما فسد ذلك استحال أن يكون مأمورًا بإيقاعه على وجه منهيًا عن إيقاعه على وجه أخر.
وليس يمكن أن يقال: إنه إذا أريد حدوثه لله عز وجل صار له حدوثًا على صفة مخصوصةً. وإذا أريد به وقوعه للشيطان صار له حدوثًا على صفة تخالف حدوثه للشيطان لأن جهة الحدوث جهةً واحدةً غير مختلفةً ولا متزايدةً.
ويدل على أن السجود لله عز وجل يجب أن يكون غير السجود للشيطان أن أحد السجودين طاعةً حسن مأمور به والسجود للشيطان معصية قبيح