باب
القول في أن الأمر بالفعل يتناول المكروه فعله أم لا؟
قد زعم بعض من تكلم في هذا الباب أن الأمر بالفعل يتناول ما يقع عليه الاسم وإن كان مكروهًا. واحتج بهذا الأصل على جواز طواف الحدث بقوله سبحانه: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} قال: وجواز الطواف مراد واللفظ يتناوله فجاز فعله وصح، بان وقع على الصفة المكروهة من مقارنة الحدث.
وهذا خطأ لأننا قد بينا فيما سلف أنه إذا رفع الفعل ونسخ وجوبه لم يبق جوازه، لأنه ليس في ضمن الوجوب. وإذا ثبت ذلك بما وصفناه كان دخول المكروه تحت الأمر أبعد، لأجل أن المكروه منهي عن فعله. والطواف المذكور في الآية مأمور به. والأمر بالشيء لا يقتضي الفعل المنهي عنه ولا نفس الفعل المأمور به بشرط الطهارة هو مقرونا بها. والذي يقع منه عاريًا منها غير الواقع لشريطتها ومقارنا لها. وإذا كان غيره أولى منه وكان منهيًا استحال أن يكدن الأمر مقتضيًا له، وأن يكون من موجبه، ومع ذلك فلا ينكر قيام دليل على وقوعه موقع الأمور به غير نفس الأمر، نحو ما دل على إجزاء الصلاة في الدار