ولكن يجوز أن يكون صدق أوجب وأحسن من صدق أخر، وكذب أقبح من كذب غيره إذا تعاظم الثواب والمدح على أحد الصدقين، والعقاب والذم على أحد الكذبين، على ما أصلناه في هذا الباب.
فإن قيل: أيجوز وجود صادق أصدق من صادق، وكاذب أكذب من كاذب.
قيل له: إن أريد بذلك في مخبر واحد يتناولانه تناولًا واحدًا، فذاك محال على ما قلناه من قبل، وإن عني بأصدق الصادقين، وأكذب الكاذبين أن أحدهما أكثر صدقًا من الآخر، وأكثر كذبًا، فذاك جائز صحيح، على ما بيناه في الكلام في الأصول.
وقد يقال: إن أحد الشخصين أصدق من الآخر على التجوز بإدخال حرف المبالغة في الكلام. وبمعنى إن أحدهما هو الصادق دون الآخر. وعلي هذا تناول قولهم زيد أحق بملكه من منازعه. والنبي - صلى الله عليه وسلم- أصدق من مسيلمة. يراد انفراد أحدهما بالصدق دون صاحبه.