على ذلك تركوا قولهم. وإن أبوه ناقضوا اعتلالهم. وكل شيء يرمون به الانفصال من هذا الإلزام. فهو يعينه فصل لنا فيما ألزموه.
وأما قولهم: إنه إذا كان الفعل واجبا على التراخي. ولم يكن لآخر مدته وقت معلوم صار الفعل المأمور به معيناً معلوما ومؤقتاً بوقت مجهول، فإنه قول باطل. لأننا لا نقول أولاً إن آخر أوقاته مجهول، بل هو معلوم في الجملة. وهو آخر وقت حياة المكلف، وإن لم يعرف ذلك الوقت بعينه، وذلك غير محال، لأن الشيء قد يعلم على الجملة تارة وعلى التفصيل أخرى، على ما بيناه في الكلام في أصول الديانات.
ومعنى قولنا إن آخر أوقاته الوقت الذي يليه الموت إنه وقت لو أوقع الفعل فيه لبرئت ذمته، كما تبرأ بإيقاعه قيما قبله، ولا نعني بذلك إنه محدود للمكلف، لأنه غير عالم به، ولا متميز له، ومحال أن يحد له وقت غير متميز لا سبيل له إلى علمه. ولأننا وإن قلنا إن آخر أوقات حياة المكلف غير معلوم/ ص 245 ولا محدود، فإننا نقول إن جميع الأوقات التي تأتى على المكلف وقت للفعل، ولو أوقع فيه لبرئت به الذمة. وإنما كان يكون ذلك محالاً لو كان لا وقت للفعل إلا آخر الأوقات الذي يليه الموت، وهو غير معروف. فأما وجميع ما قبله من الأوقات وقت للفعل، وهو غير مجهول فما ظنوه ساقط.
فأما من قال بالتراخي، فزعم أن المأمور إذا مات قبل فعله تبين تفريطه وكونه مأثوماً. فإنه خطأ منه ظاهر، لأنه تركه مع أن له تركه، وكيف يكون ماثوماً وهو لم يتعين عليه وجوبه. ولو كان ذلك واجبا لوجب أن يكون المكلف