تصرف الخطاب عما وضع له إلى سواه فقد أخرجته / ص 237 عن الحقيقة إلى المجاز بما يغني عن رده، فبطل ما قالوه.

فصل: ذكر ما يتعلق به المخالفون والجواب عنه

وقد استدلوا على ذلك بأن لفظ الأمر اقتضى إيجاب الفعل وكونه واجباً مقتض لإيقاع موجبه، فوجب إيقاع الفعل مع الوجوب، ولم يجب تأخيره. قالوا: وكما أنه لما اقتضى وجوب اعتقاد وجوبه، وكان اعتقاد وجوبه الذي هو أحد موجبيه على الفور وجب - أيضا - لزوم الفعل على الفور.

يقال لهم: أما قولكم إن لفظ الأمر اقتضى الوجوب مع حصوله فإنه قول باطل، لأنه لا لفظ للأمر لما قدمناه. ثم لو سلمنا ذلك لم يجب إيقاع الفعل في حال حصول لفظ الأمر وكونه واجباً، لأن ذلك يوجب إيقاع الفعل في حال سماع الأمر سماع لفظه وكونه موجباً، وذلك محال. وإنما يجب عندكم في الثاني، وليس يستقر عندكم لفظه وكونه واجباً إلا في الثاني، فبطل ما قلتم. وإذا وجب انفصال وقوع الفعل عن استقرار لفظ الأمر ووجوبه بحال جاز بحالين وأكثر، وفسد ما عولتم عليه.

وأما قولكم: إن الأمر اقتضى تعجيل فعل الاعتقاد الذي هو أحد موجبيه. فإنه غلط من وجوه:

أحدهما: إننا لم نقل إن الاعتقاد إنما وجب تقديم فعله، لأجل حصول الأمر به فقط. وإنما قلنا ذلك، لأن الدليل أوجبه. فإن وجد في تقديم الفعل وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015