ومنهم من لم يشترط في كون الأمر بالشيء نهيا عن ضده كونه أمرا واجبا, لأحل قوله إن الأمر بالشيء على وجه الندب نهي عن ضده على سبيل ما هو أمر به. وهذا هو الذي نقوله ونذهب إليه. وقد دللنا من قبل على ذلك في باب أن الندب مأمور به بما يغني عن رده.
ويجب على كل من قال إن الأمر بالشيء نهي عن ضده أن يشترط فيه أنه نهي عن ضده وضد البدل منه, الذي هو ترك لهما, إذا كان أمرا على غير وجه التخيير. وأنما يجب اشتراط ذلك لأجل أنه قد ثبت بما بينته آنفا. وما ذكرنا منه طرفا سالفا أن الأمر بالشيء على جهة التخيير بينه وبين البدل منه, ليس بنهي عن تركه الذي هو مخير بينه وبينه, نحو الكفارات الثلاث, لأنه مخير فيها. وكذلك حكم الصلاة الموسع وقتها, الذي المكلف عند كثير من الناس مخير بين تقديمها وبين فعل العزم على أدائها إن بقي بشريطة التكليف, والأمر بما هذه حالة من الواجبات نهي عن ترك المأمور به وترك البدل عنه ولو لم يكن في الواجبات ما يسقط إلى بدل يقوم مقامه لم يحتج إلى هذا الشرط. وهذه الزيادة في اللفظ, وليس يمكن أيقال في هذا أن ترك الصلاة في أول الوقت هو نفس الترك للعزم على أدائها فيما بعد. ولذلك ما صح أن يترك الصلاة في أول الوقت من يترك العزم على أدائها فيكون عاصيا مأثوما وأن يتركها من لا يترك هذا العزم. فلو مات قبل تضييق الوقت لم يكن مأزروا ولا مأثوما مع فعل العزم على أدائها.
فصل: وقد اختلف القائلون بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده هل هو نهي عنه من جهة اللفظ أو من جهة المعنى؟