يسقط مع تقدم وجوب المقضي, ويجب وإن لم يجب المقضي. فلهذا قالت الأمة: إن قضاء الصيام واجب على الحائض وأن يلزمها الصيام مع الحيض. وأن قضاء الجمعة غير واجب على من فاتته, أو اعتمد تركها مع الاتفاق على وجوبها عليه. فثبت بهذا أنه ليس القضاء لأجل ترك فعل المقضي. ولا تقدم وجوبه, وإنما يوجبه أمر ثان. وإن اعتل معتل منهم في سقوط العبادات عن -[223]- الكافر بأنها لو كانت واجبة عليه لوجب عليه الزكاة مع إسلامه. فلما اتفق على سقوطها دل ذلك على أنه غير مخاطب بها في حال كفره. وهذا باطل, لأننا قد دللنا بما سلف على أنه مخاطب بالزكاة وسائر العبادات وإخراجها, وأداؤها مع إسلام الكافر ممكن مثاب باتفاق الكل. ولو بقي عليه الوجوب للزمه للإخراج. ولكان ذلك صحيحا منه باتفاق. وإنما بم يلزمه ذلك لأن الله تعالى خفف محنته وأسقط ذلك عنه. ولو لم يسقطه لكان واجبا.
فإن قالوا: الإجماع على سقوطه يدل على أنه كان غير مخاطب به.
قيل لهم: هذا باطل وفي هذه الدعوى وقع النزاع, وليس بين الأمة خلاف في أنه يجوز ورود السمع بإسقاط ما كان وجب وتقدم فرضه. وهذا منه، فبطل ما قالوه.
فإن قيل: فبأي دليل أسقطتم عنه ما علمتم تقدم وجوبه عليه؟
قيل لهم: بإجماع الأمة على سقوط ذلك عنه وكونه غير واجب عليه. فعلمنا بتلك الأدلة كونه مخاطبا بها. وبهذا الإجماع علمنا سقوطها عنه, ولا جواب عن ذلك, وعلى هذا الذي قلناه دل قول الله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم