يقال لهم: فهذا الذي يدل على فساد قولكم بأن تقدم علم الله سبحانه باختيار المكلف لأحدهما يعين وجوبه عنده تعالى, وفي معلومة، فبطل ما قلتموه من كل وجه.
والأولى الجواب بما قدمناه, لأنه إذا كانت الكفارة إنما يتعين وجوبها بعلم الله بالتلبس بها, فمحال أن يتلبس بغير ما في المعلوم أنه يتلبس به حتى يقال إنه لو وقع كذلك لناب مناب المعلوم المتلبس به, ولأنه إذا تعين بالتلبس به, فلا سيء منها يوقعه إلا وهو المعلوم التلبس به, ومعلوم أنه يتلبس به. فلا يتصور التلبس من ذلك بما ليس بمعلوم, فوجب الاعتماد على ما قلناه.
فصل من فصول القول في ذلك
واعلموا- رحمكم الله- أن المخير فيه المعتزلة على ثلاثة أقسام:
فقسم منه مخير فيه. وقد أريد فعله منفردا من الآخر, وكره الجمع بينه وبين الآخر, كالتخيير في عقد الإمامة وعقد الزوجية, وما جرى مجرى ذلك من كل محرم الجمع بين اثنين منه.
والقسم الثاني منه: مخير فيه. وقد أراد الله سبحانه -[205]- الجمع بين فعله كالكفارات الثلاث, فإذا جمع بينها في الفعل كان الواجب منها واحدا. وهذا الضرب عندهم وإن أراد الله سبحانه الجمع بينه فيما كره ترك اثنين منه. وإذا وقع مع الثلاث, كان كله مرادا. فلذلك قالوا: إن الواجب منه إذا وقع واحدا, واثنان منه ندب. ويجب على هذا القول أن يكون الواجب من ذلك ما تقدر