لنا، هذا ليس بقول لأحد من الأمة لأن أقل ما فيه أن يكون معينا وإن جهلناه، وأن يكون غيره لا يجزئ إذا فعل لأنه غير واجب. وأن يكون قد كلفناه واجبا مخصوصا من غيره ولم /ص 198 يجعل لنا إلى تمييزه سبيلا، وذلك باطل باتفاق.
وإنما يعنون بقولهم إن الواجب من ذلك واحد بغير عينه أن الواجب الذي اشتغلت به الذمة واحد من هذه الثلاثة قد خير في أيها شاء. فإذا لم يفعل ولم يختر إيقاع واحد منها كان الواجب باقيا في الذمة ومتعلقا بواحد وله فيه الخيار. وإن اختار واحدا منها ففعله صح أن يقال قد تعلق به الوجوب وبرئت به الذمة وإن اختار الجمع بين ذلك أجمع قيل إن الوجوب تعلق بأعظمها ثوابا وأشقها على النفس وأثقلها لكي يثاب على أشقها. وما عداه هو متطوع به. وإنما وجب ذلك لحصول الإجماع على أنه لا بد من أن يثاب على أعلاها وأعمها نفعا كما يثاب على أدناها. وإذا فعل الأعلى والأدنى، فقد اتفق على أنه مثاب على الجميع وأجمعوا على أنه لا يجوز أن يكون أحقها بالوجوب أدناها، بل أعلاها وأكثرها ثوابا وجب بهذا الإجماع أن يكون الواجب منها أعلاها.
وقال كثير من الناس: إن العتق هو الواجب منها إذا فعلت معا لأنه أعمها نفعا وأكثرها تأثيرا في المال. وهذا مما لا يجب القطع به، لأنه قد يكون ذلك كذلك إذا كانت الحال ما وصفوه في العتق وكانت أعم نفعا. وقد يكون الإطعام أحيانا أعم نفعا وأشد لفاقة الفقراء. وأعظم تأثيرا في إقامة النفوس والأرماق. ويكون قدر المكفر به عند القحط والجدب أكثر ثمنا وثلما للمال من قدر ثمن