من المخير فيه ما لا يصلح الجمع بينهما

متضادة أو متماثلة غير مختلفة ولا متضادة.

فأما الضدان الخلافان فإنهما نحو الكلام والسكوت والحركة والسكون، وأمثال ذلك.

وأما المختلفان غير المتضادين فكالصيام والعتق والإطعام، وذلك مختلف غير متضاد ولا متماثل.

وأما المشتبهان فعلى ضربين: إما أن يتميزا أو لا يتميزا. فإن تميزا صح التخيير بينهما، وإن لم يتميزا لم يصح ذلك، لأنه لا يصح وقوع أحدهما بدلا من الآخر لا لخروجهما عن إمكان المكلف لكن لتعذر التمييز لهما ومعرفة الفصل بينهما، وهذا هو الذي استقر عليه التكليف، لأن العبد لا يميز في وقتنا هذا بين مثلين من أفعاله وقتهما واحد والتعبد بهما على وجه واحد، لأنه لو قيل له اضرب زيدا وقد خيرناك في أن تفعل في الوقت الواحد ضربا له من ضربين، أو مثل ضرب كثير، لكان يجب أن يعرف أعيان المخير فيه وتفصيله، وذلك غير معلوم للعبد، ولكن لو قيل له اضربه بيمينك إن شئت أو بشمالك لتميز له لتمييزه بين الجارحتين. ولو قيل له: قد خيرناك بين ضرب أو ضربين يقع بيمينك لم يعرف تفصيل ما يقع بيمينه.

وقد بينا من قبل أنه لا يصح التكليف والتخيير إلا بين ما يعرفه المتعبد ويميزه لكي يقصد إليه بعينه أو إلى تركه. وكذلك لو قيل له: صل لزوال الشمس أربع ركعات وأنت مخير بين أربع وبين مثلها في صفتها لم يتميز له علم ذلك.

فصل آخر من فصوله

وهو أن يعلم أن من المخير فيه ما يصح من المتعبد جل وعز أن يريد الجمع بينه، ومنه ما لا يصح ذلك فيه. فالمختلف الذي لا يضاد تصح الإرادة لاجتماعه، كالصيام والإطعام، ونحو ذلك. ومنه ما لا تصح الإرادة لجمعه، وهو المتضاد، لله تعالى ممن يعلم تضاد كل متضادين واستحالة اجتماعهما، ولا يصح منه مع العلم بذلك الإرادة للمحال. ولكن قد يصح من المخلوق أن يريد الجمع بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015