وكشفنا - أيضا- الكلام في استحالة إرادة الله تعالى لما لا يقع، ووقوع ما لا يريده /ص 195 في سلطانه في الكلام في القدر بما يغني متأمله هناك.
وهذا الخلاف لنا في هذا من أصول القدرية التي ليست من دين الفقهاء في شيء. وقد أجمع الكل من سلف الأمة وأئمة الفقهاء على أن الواجب من المخير فيه من الكفارات وغيرها واحد بغير عينه. وعلى أنه أي شيء منها فعل فهو الواجب وتبرأ بفعله الذمة إذا تلبس به المكلف وفعله على وجه البدل، لا على الجمع.
وقد زعمت القدرية أنه إذا كان الأمر بالتخيير للمكلف بين أفعال هو المصلحة والتخفيف للمحنة وجب على الله تعالى تكليف ذلك على البدل لا على الجمع. وزعموا أنه متى علم أن مصلحة المكلف متعلقة بكل واحد من المخير فيه على حد سواء لم يجز في حكمه إلا تكليف ذلك على الجمع لا على البدل. وهذا الأصل عندنا باطل، لأن لله تعالى أن يكلف من ذلك ما شاء، وعدل منه تكليف التخيير إذا علم أنه مصلحة. وتخيير الجمع إذا علم ذلك، وتكليف ما يعلم أنه ليس من مصلحة المكلف على ما بيناه في التعديل والتجوير.