واحدة على ما بيناه من قبل، فوجب اقتضاء النهي لتكرار الكف والاجتناب وانقطاع الأمر بفعل مرة واحدة، ولأجل أنهم يقولون على هذا إنه متى فعل ما نهي عنه. قيل إنه عاص. ومتى ما أمر به دفعة واحدة. قيل إنه ممتثل مطيع، فصار ما ذكروه في النهي شاهداً لقولنا.

ولا وجه لقول من فصل بين الأمر والنهي في هذا الباب بأن حمل الأمر على الدوام فيه مشقة وتكليف لما لا يطاق وانقطاع عن المصالح وترك العبادات وإهلاك الحرث والنسل. وليس في حمل النهي على تكرار مشقة وتكليف لما لا يطاق ولا ترك لغير المنهي عنه من العبادات وانقطاع عن المصالح فأفترق الأمران، لأن أول ما في هذا الجواب أنه إثبات لموجب اللغة ومقتضي اللسان بالقياس وأدلة العقول. وكأن قاتل هذا يقول: إنما قلت بحمل النهي على التكرار، لأنه ليس بتكليف لما لا يطاق. ولو أقل في ذلك الأمر لأنه مقتض لذلك. وهذا نظر واستخراج وما لا يثبت بمثله لغة فبطل الفصل بما قالوه، على أنه يجب عليهم حمل الأمر على ما في الوسع والإمكان وقدر ما لا يكون متقطعاً عن الفروض والمصالح بحق فصلهم هذا. فأما أن يجب الفعل مرة فقط. وفي الوسع والطوق أكثر منها فباطل، لا يوجبه/ ص 183 فصلهم.

وفرق - أيضاً- بعضهم بين ذلك بأن قال: لما كان النهي مقتض قبح المنهي عنه ويدل عليه وجب الكف أبداً عن فعله. ولما كان الأمر يقتضي حسن المأمور به لم يجب على الدوام عليه.

وهذا - أيضاً- باطل من وجوه:

أحدها: إنه إثبات لحكم اللغة وفائدة التخاطب الدال بالمواضعة والمواطأة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015