يقال له: هذا كلام فاسد لا محصول له، لأنه إذا لم يمكن فعل الواجب إلا بفعل أخر لا بد منه ولا ينفك عنه، فهو وما لا ينفك منه? ولا يمكن حصوله دونه واجب، ولا يجوز أن يقال أن منه ما ليس بواجب، وذلك نحو ما يقوله الفقهاء من أنه إذا لم يصح ستر العورةً الواجب سترها إلا بستر بعض الركبةً وما ليس من العورةً وجب ستر ذلك مع ستر العورةً ليتوصل به إلى ستر العورة. وكذلك إذا لم يصح تمييز وقت الليل/ ص (172) من النهار على التحديد، ولم يصح صيام اليوم إلا بإمساك جزء من الليل قبل طلوع الفجر ولم يمكن استيفاء صيام اليوم إلا بالإمساك مع جزء من الليل وجب الإمساك في ذلك الجزء. ولا معنى لقول من قال في مثل هذا قد دخل في الواجب ما ليس بواجب ليتمكن به من فعل الواجب؛ لأن ما لا يصح التوصل إلى الواجب إلا بفعله فواجب كوجوبه، غير أنه لو تميز الليل من النهار بحد محدود يمكن المكلف معرفته، وتميزت العورةً من غيرها بمكان محصور وحد معلوم يمكن المكلف فصله من العشرة لسقط عنه فرض ستر ما ليس منها وصيام ما ليس من اليوم، ولكنه لما اشتبه ذلك، ولم يتميز للمكلف يجب ذلك أجمع لالتباسه ولكي يتوصل بأحد الواجبين إلى فعل الآخر، وقولنا التوصل بأحد الواجبين إلى فعل واجب أخر أوضح وأولى من القول ليتوصل بفعل ما ليس بواجب إلى فعل الواجب؛ لأن ما لا ينفك الواجب منه, ولا يتميز عنه، فإنه واجب كوجوبه لما أوضحناه فسقط ما قالوه في هذا الباب.