والجنس, وكون الكل ملكًا للغير, وهم في ذلك شرع سواء وإنما تجب طاعة الآمر منا إذا أوجب الله عز وجل طاعته من نبي وإمام ووالدين وأمر السيد لعبده, وأمر من أمرنا بأداء حقه ورد ظلماته, وطاعة هؤلاء كلهم إنما هي طاعة لله تعالى وواجبة من حيث أوجبنا لا لأمرهم بها, فأما أن يجب علينا طاعة أحد من الخلق لكونه آمرًا بها من غير أن يكون/ ص 159 أمره مستندًا إلى أمر الله تعالى بطاعته, فذلك باطل, لأننا قد بينا في صدر هذا الكتاب أن كون الشيء حسنًا وقبيحًا وواجبًا وندبًا وعصيانًا ومباحًا ومحظورًا لا يعلم عقلًا ولا يحصل كذلك لنفسه وجنسه, ووجهٍ هو في العقل عليه يوجب كونه كذلك, وإنما تكون له هذه الأحكام بحكم الله تعالى بكونه عليها, وإذا كان ذلك كذلك ثبت أنه لا يجب فعل من الأفعال من حيث أوجبه أحد من الخلق أو لوجه هو في العقل عليه, وكذلك القول في جميع أحكامه الشرعية من ندب وإباحة وحظر.
فإن قال قائل: ولم قلتم إنه لا يصير كذلك إلا بحكم الله تعالى وأمره ونهيه, وما أنكرتم أن يصير كذلك لوجه هو في العقل عليه اقتضى ذلك من حاله, أو بحكم بعض الخلق بحسنه وقبحه وأمره به ونهيه عنه, أو لاعتقاد من اعتقد من الخلق كونه حسنًا أو قبيحًا.
يقال لهم: قد بينا فيما سلف من مقدمات هذا الكتاب أنه لا يجوز أن يكون الشيء على بعض هذه الأحكام لنفسه وجنسه أو وجه هو في العقل عليه, وأنه لا طريق للعلم بذلك من جهة ضرورة العقل أو دليله بما يغني عن رده.
فأما قولهم: ما أنكرتم أن يكون الفعل إنما يحسن ويقبح ويجب ويحرم لاعتقادنا أو اعتقاد من اعتقد كونه كذلك من الخلق وأن يكون تعالى قد جعل