فكيف تفيد الوجوب وهي لا تفيد كونها أمرًا وقد علم أن الأمة لا تجتمع على خطأ, وأنها لو أجمعت على حمل ظاهر القول "إفعل" "ولا تفعل" على الأمر دون غيره بمجرده, أو حملت الأمر الذي قد علم بقرينته أنه أمر على الوجوب دون الندب أو الندب دون الوجوب لكان ذلك إجماعًا منها على خطأ وذهابًا عن الحق, وذلك منتف عنها, فبطل ما قلتم.
ويقال لهم أيضًا من الذي سلم لكم أن الأمة رجعت في إيجاب ما ذكرتم وتحريم ما وصفتم إلى هذه الظواهر؟ وما أنكرتم أن يكون محصِّلوها وأهل التحقيق منها إنما رجعوا في ذلك إلى قرائن وصلات واتباعات علمت بها كون هذه الأقاويل أمرًا, وعلمت بمثلها بعد علمها بأنها أوامر أنها على الوجوب, ولا بد في العلم بكون القول "افعل" أمرًا وفي كونه واجبًا من قرينتين يعلم بإحداهما كونه أمرًا وبالأخرى كونه واجبًا على ما بيناه, فبطل ما قلتم, ومع ذلك فلسنا ننكر أن يكون من الأمة من يتعلق في التحريم والإيجاب وكون القول "افعل" أمرًا بهذه الظواهر لظنه كونها مفيدة للأمر والوجوب, وذلك خطأ من معتقده, وهو منتف عن جميع الأمة.
ويقال لهم: بأي طريق علمتم بأن الأمة إنما أجمعت على حمل هذه الظواهر على الأمر وحمل بعضها على الوجوب لمجردها دون قرائن وأسباب اتصلت بها أبضطرار علمتم ذلك أم بدليل؟