ثم يقال لهم: أنتم لا تفرقون بين قوله نعم لو قال ذلك وبين قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} لأنهما أمران بالحج, فإن وجب ولزم بقوله: نعم كان أولى أن يجب بقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} فما معنى قولكم: إن ذلك, كان يجب بقوله: نعم, وليس أمره على الوجوب دون أمر الله تعالى.
ثم يقال لهم: إن الأقرع سأله عن تكرار أمر قد علم أنه واجب ووقف هو وغيره من الأمة على ذلك, لأنه قد علم أن قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} أمر بالحج بتوقيف له على ذلك وقرينة متصلة بالتلاوة أو بقوله عند بعضهم: ولله على الناس حج البيت, لأن ما عليهم زعم لا يكون إلا فرضًا أيضًا, لأن الندب والمباح ليس عليهم فعله, فلما علم أنه أمر واجب قال له: ألعامنا هذا أم للأبد؟ يعني أن هذا الواجب علينا يجب مرة أو يجب على التكرار, فقال: للأبد, وقال: لو قلت نعم لوجبت, معناه أنني لو قلت نعم لم أقل ذلك إلا وهو مفروض متكرر, فأما أن يجب ويلزم بقوله نعم, وأنتم مأمورون بالحج في كل عام فإنه بعيد, لأنه لو قال صريحًا: أنتم مأمورون بالحج في كل عام لم يعقل من ذلك الإيجاب دون الندب, بل إنما نفهم منه إخباره عن الأمر لهم بالحج وعلى أي وجه هم مأمورون بالحج موقوف على الدليل.