ما قالوه, وظاهر قولها: فلا حاجة لي فيه يدل على أنها لم تكن تعتقد أن قبول شفاعته مشروع ومسنون ومثاب فاعله, فلذلك استفصلت بين الأمرين وبين الشفاعة.
واستدلوا على ذلك - أيضًا - بقوله عليه السلام: "لولا أني أخاف أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" وفي خبر آخر "عند كل صلاة" قالوا: يخبر أنه لو أمرهم لصار فرضًا بأمره لكونه شاقًا لأنه لو كان أمره به وبغيره على الندب لم يكن شاقًا من حيث كان لهم ترك الندب.
يقال لهم: قد دللنا فيما سلف على أن الندب مأمور به, وأنه لا يعقل من ظاهر الأمر الوجوب دون الندب فعلم بذلك/ ص 153 أنه لا يحق أن يعقل من ظاهر أمر الرسول عليه السلام بالسواك أو غيره الوجوب دون الندب.
ثم يقال لهم: فما أنكرتم أن يكون قد أوحى الله إليه عليه السلام أننا لو أمرناهم بالسواك لا نأمرهم به إلا فرضًا؛ فلذلك قال "لولا أني أخاف أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" فأما أن يصير ذلك شاقًا وفرضًا له بمجرد أمره فلا سبيل إليه, وليس يمتنع أن يوحى إليه أننا لو أمرناك أن تأمرهم بالسواك عند كل صلاة ونشرعه لم نشرعه إلا واجبًا فهذا بين في فساد تأويلهم.