يحسن أن يستفهم هل أريد باللفظ ما لا يصلح إجراؤه عليه وتناول له, وكذلك مما لا يحسن إذا قال القائل: رأيت إنسانًا أن يقال له: هل رأيت من له هذه البنية أو حمارًا؟ ويحسن أن يقال له: ذكرًا رأيت أم أنثى لصلاح وقوعه عليهما, وقد ثبت قبح الاستفهام مع القرائن الدالة على المراد بالمحتمل من اللفظ, وإنما يسوغ الاستفهام مع التباس الحال وعدم القرائن الكاشفة عن المراد فثبت وجوب تردد مجرد الأمر بين الواجب والندب.

ذكر الكلام على شبه من قال إنه على الوجوب في وضع اللسان وقد استدلوا جميعًا على ذلك بأن المأمور في اللغة والشرع جميعًا يفهم من مطلق الأمر وجوب المأمور به, ولذلك حسن ذمه وعقابه ووصفه بالعصيان/ ص 145 إذا تخلف عن امتثال موجبه, ولن يجوز الذم والعقاب والوصف بالعصيان إلا بالتأخر عن واجب لازم, قالوا: ولذلك فهمت الأمة والملائكة وجوب الإيمان بالله تعالى والصلوات وجميع العبادات المفروضة بنفس الأمر بذلك, وفهمت الملائكة وجوب السجود لآدم بمجرد قوله {اسْجُدُوا لِآدَمَ}، وفهمت الرعية وجوب ما يأمر به سلطانها, وفهم العبد وجوب أمر سيده, والولد لزوم أمر والده, ووجب ذم كل مأمور ممن ذكرنا عند تركه امتثال ما أمر به, فثبت بذلك أن مفهوم الأمر في اللغة الوجوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015